علاقة لجنة إدارة غزة والحكومة الفلسطينية شرط للوطنية
نشر بتاريخ: 2025/10/28 (آخر تحديث: 2025/10/29 الساعة: 00:14)

تجاهلت "حماس وتحالفها" الحديث عن السلطة الفلسطينية خلال تفاوضها على خطة ترامب، رغم أنها عاشت زمنا مستغلة مؤامرة انتخابات يناير 2006، في قيادة حكم غزة بعد الاختطاف يونيو 2007، ولم يكن التجاهل سوى جزء من الهدايا السياسية التي حاولت تقديمها، بعد لقاء قادتها مع ويتكوف وكوشنر من باب "حسن السلوك".

مع خطوات تنفيذ خطة ترامب في مرحلتها الأولى، بدأ الحديث عن تشكيل "لجنة مهنية غير سياسية"، وغير فصائلية لتسيير الشؤون الحياتية في قطاع غزة، دون تحديد مرجعيتها وارتباطها، وهو ما تجاهله بيان بعض المكونات الفصائلية في القاهرة، ما يشير إلى أنهم سلموا برؤية نتنياهو بعدم وجود أي ارتباط مع السلطة الفلسطينية، لتبقى تحت الهيمنة الأمنية لدولة الاحتلال، فيما مرجعها السياسي الحاكم التنفيذي في مجلس السلام برئاسة ترامب.

وبعد تسريب بعض من أسماء مرشحة، وبروز حملات ترويجية عبر بيانات "تأسيس لمكونات غزية" جديدة تتوافق والرؤية الترامبية، دون الذهاب لعمليات اتهامية لهذا وذاك، فالجوهري الذي يحتاج النقاش الوطني، العلاقة المباشرة بين اللجنة والحكومة الفلسطينية، وهل هو حق سياسي أم تجبر سياسي؟

أعلنت السلطة الفلسطينية وتنظيمها المركزي حركة فتح، بتمسكها الكامل بربط اللجنة الإدارية بها، وأن يكون رئيسها أحد أعضاء الحكومة، رغم أن الموقف تجاهل المسائل الجوهرية في العمل (المهام والمرجعية)، فإن الارتباط أصبح مسألة تتعلق بطابع الهوية القادم، هل تكون لجنة غزية خالصة، كمقدمة لتحقيق الفصل أم لجنة غزية مرتبطة بالأصل الفلسطيني لقطع الطريق على مؤامرة الفصل.

الارتباط هنا ليس عمل استعراضي، ولا يوجد به ما يمكن اعتباره "تطرف سياسي" كما تحاول أوساط اللهاث وراء المناصب، أي مناصب، بل هو موقف لا بد منه، ولو كان غير ذلك، ووافقت على وجودها دون علاقة مباشرة، يكون ذلك استكمال للخطيئة الاستراتيجية التي ارتكبتها بالصمت على انقلاب حماس يونيو 2007، بدلا من حظرها واعتبارها خارج القانون، ركعت لبعض القوى وفتحت حوارات معها، وكان هدفها ليس كسر خطر الخطف، بل لشرعنة فعل الحركة المتأسلمة، وربما يكون موقفها الآن أكثر خطورة.

تمسك السلطة الفلسطينية بحقها في رئاسة اللجنة الإدارية يجب أن يكون شرط الضرورة لكي تقبل وجودها، رغم ما قدمته الحركة المتأسلمة من تنازلات هي الأخطر على القضية الفلسطينية، ورئاسة اللجنة هي الخطوة الأولى الممكنة لمحاولة قطع الطريق على المشروع التهويدي الترامبي، لبناء "كيان غزة" بصلاحيات "حكم ذاتي" كما تجارب مختلفة، سبق أن أشار لها رئيس حكومة دولة الفاشية اليهودية نتنياهو، ولا يجب أن تخضع لابتزاز أن ذلك الموقف قد يمنح حركة "المجمع الإسلامي" دورا مضافا، فليكن لها ولهم ما يريدون.

موافقة السلطة الفلسطينية على تمرير لجنة إدارة غزة دون ارتباط بالحكومة، هي عامل تحفيزي لمن بدأ يطل براسه في الضفة الغربية بدعم أمريكي إسرائيلي، حول إعلان "إمارة الخليل" برئاسة وديع الجعبري، والتي وحدت ترويجا واسعا في الإعلام الأمريكي ولاحقا العبري، باعتبار ذلك هو "الخيار المركزي" للتهويد، وتحويل الفلسطيني ساكن بشروط، وليس العكس.

قد لا تستطيع الرسمية الفلسطينية منع تشكيل لجنة ويتكوف كوشنر الإدارية في قطاع غزة، لكنها تملك وحدها دون غيرها سحب الشرعية الوطنية عنها، واعتبارها خارج النظام الفلسطيني، بل وحرمان كل من يكون بها من أوراق الهوية الفلسطينية.

الموقف من لجنة ويتكوف – كوشنر هو موقف الضرورة الوطنية نحو حماية بقايا المشروع الوطني.