واشنطن تضغط… وإسرائيل تتحفظ: باراك يمهد للقاء مرتقب بين نتنياهو وترمب
واشنطن تضغط… وإسرائيل تتحفظ: باراك يمهد للقاء مرتقب بين نتنياهو وترمب
الكوفية الأراضي المحتلة – يصل المبعوث الأمريكي الخاص، توم باراك، إلى دولة الاحتلال في زيارة سياسية وُصفت بالحساسة، حاملًا رسالة مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في ظل تصاعد الضغوط الأمريكية لدفع الحكومة الإسرائيلية نحو الانتقال إلى المرحلة التالية من الخطة الأمريكية الخاصة بقطاع غزة.
وقالت مصادر دبلوماسية إن توقيت الزيارة ليس عابرًا، ويعكس نفاد صبر الإدارة الأمريكية إزاء تعثر التقدم في تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة، لا سيما في ظل استمرار التوترات الإقليمية وتعقيدات المشهدين الفلسطيني واللبناني.
ومن المقرر أن يلتقي باراك رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين، بهدف تقييم مدى استعداد إسرائيل للانخراط في المرحلة المقبلة، وسط ضغط أمريكي متزايد لتثبيت ترتيبات أمنية وسياسية أكثر استدامة.
وتأتي الزيارة على خلفية تطورات إقليمية متشابكة، أبرزها التصعيد المستمر على الجبهة اللبنانية، حيث يواصل جيش الاحتلال عملياته ضد البنية العسكرية لحزب الله في جنوب لبنان، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى الحيلولة دون انزلاق الأوضاع نحو مواجهة إقليمية واسعة.
وفي هذا السياق، أشار مراقبون إلى الإدانة السريعة وغير المألوفة التي أصدرها الرئيس اللبناني جوزيف عون للهجوم المسلح في سيدني، معتبرين أن توقيت الإدانة وصياغتها يهدفان إلى توجيه رسالة للخارج بشأن التزام لبنان بخطاب دولي مسؤول في ملف مكافحة الإرهاب.
غير أن الفجوة بين الخطاب الدبلوماسي والواقع الميداني في لبنان لا تزال قائمة، إذ يواصل حزب الله نشاطه العسكري انطلاقًا من الأراضي اللبنانية، فيما ترد إسرائيل باستهداف مواقع عسكرية، معتبرة أن هذا الواقع يعكس أزمة بنيوية في الدولة اللبنانية وعجزها عن فرض سيادتها الفعلية.
وفي هذا الإطار، يحمل باراك رسالة أمريكية واضحة مفادها أن ضبط النفس الإسرائيلي لا يمكن أن يكون من طرف واحد. وتنتظر واشنطن خطوات عملية من بيروت، تشمل تعزيز انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، وتقليص حرية عمل حزب الله، وتحمل مسؤوليات أمنية مباشرة، فيما تؤكد إسرائيل أنها لن تكتفي بتصريحات سياسية أو إدانات شكلية طالما استمر التهديد على حدودها الشمالية.
غير أن جوهر زيارة باراك يتمحور حول قطاع غزة، والانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية، التي تهدف إلى استبدال وقف إطلاق النار المؤقت بترتيبات أمنية وسياسية أكثر استقرارًا. وتشمل الخطة تشكيل قوة استقرار دولية بقيادة أمريكية، تعمل على تفكيك القدرات العسكرية لحركة حماس تدريجيًا، وتهيئة بديل إداري وسلطوي في القطاع.
وتبرز في هذا السياق إحدى نقاط الخلاف المركزية بين إسرائيل والولايات المتحدة، والمتمثلة في الدور التركي المحتمل. إذ يرى باراك أن إشراك تركيا في قوة الاستقرار ضروري بالنظر إلى قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، بينما تعتبر إسرائيل ذلك خطًا أحمر، مؤكدة أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع حركة حماس لا يمكن تصنيفه كقوة استقرار، وأن مشاركته قد تقوض جوهر الخطة.
وبحسب مصادر سياسية، لا تُعد زيارة باراك بروتوكولية تقليدية، بل خطوة تمهيدية مباشرة للقاء مرتقب بين نتنياهو وترمب. ويصل المبعوث الأمريكي بمهمة محددة تتمثل في اختبار استعداد إسرائيل للانتقال إلى المرحلة التالية، وتحديد حدود مرونتها، خاصة في ملف غزة والقوة الدولية المقترحة.
وبينما ترى إسرائيل في هذه التطورات اختبارًا دقيقًا للتوفيق بين المسار السياسي والحفاظ على ثوابتها الأمنية، تسعى الولايات المتحدة إلى حسم ما إذا كان نتنياهو شريكًا يمكن البناء عليه في المرحلة المقبلة، أم أنه يفضل إبقاء ساحات التوتر مفتوحة. ومن المتوقع أن تتضح المؤشرات الأولية خلال الزيارة، على أن تُحسم الصورة النهائية لاحقًا في واشنطن.