نشر بتاريخ: 2025/10/16 ( آخر تحديث: 2025/10/16 الساعة: 12:11 )

صحيفة فرنسية: المرحلة الأولى من خطة ترامب لغزة تترك إسرائيل معزولة عن العالم

نشر بتاريخ: 2025/10/16 (آخر تحديث: 2025/10/16 الساعة: 12:11)

الكوفية تحت عنوان “المرحلة الأولى من خطة دونالد ترامب لغزة تُعدّ نجاحًا لكنها تترك إسرائيل في وضع نادر.. قوية ومعزولة في آنٍ واحد”، قال آلان فراشون، كاتب الافتتاحيات في صحيفة “لوموند” الفرنسية، في مقال رأي بالصحيفة، إنه على الرغم من أن عامين من الحرب تركا إسرائيل في موقع تفوّق عسكري واضح، فإن صورة الدولة العبرية انهارت كما لم يحدث من قبل لدى أصدقائها وحلفائها التقليديين، كما يلاحظ آلان فراشون في مقاله.

وأضاف الكاتب أنه يجب بداية الإشادة بالإنجاز الدبلوماسي: فمهما كانت الطريقة غير تقليدية، فقد نجحت مقاربة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشرق الأوسط. إذ تمّ، يوم الإثنين 13 تشرين الأول/أكتوبر، الإفراج عن آخر الرهائن الإسرائيليين الأحياء لدى حركة “ حماس ” الفلسطينية. كما توقّف الهجوم الإسرائيلي على مدينة غزة، ومن المفترض أن تصل مساعدات إنسانية إضافية إلى سكان القطاع.

وتُعدّ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي نجاحًا، لكنها تترك إسرائيل في وضع نادر، قوي ومعزول في الوقت نفسه.

ولا ينبغي التقليل من أهمية هذه الخطوة الأولى، أو من الصعوبات التي تم تجاوزها للوصول إليها، حتى لو كان بالإمكان تحقيق النتيجة نفسها منذ يناير/كانون الثاني الماضي، يقول آلان فراشون.

للوصول إلى هذه النقطة، كان لا بد من تحقق اصطفاف سياسي ودبلوماسي إقليمي يكاد يكون معجزة، كما أشار الصحفي توماس فريدمان في موقع “نيويورك تايمز” في 9 أكتوبر، وهو من أكثر المراقبين اهتمامًا بمآسي الشرق الأوسط. حيث كتب أن فريق ترامب “نجح في الوقت نفسه في كسب ثقة إسرائيل، و”حماس”، وقطر، وتركيا، والسلطة الفلسطينية، والسعودية، ومصر، والإمارات العربية المتحدة”. ولم يكن بوسع أي طرف غير الولايات المتحدة الأمريكية تحقيق ذلك.

وحذّر آلان فراشون من مغبة أن ضجيج التفاخر المعتاد الذي يمارسه الرئيس دونالد ترامب لتسويق عبقريته وإنجازاته لا يجب أن يخدع أحدًا. فتبجّحه الأناني، هذا الأسبوع، سواء في إسرائيل أو في مصر، مضلل. ولا بد مما هو أكثر بكثير قبل أن يمكننا الحديث عن “فجر تاريخي لشرق أوسط جديد” أو “سلام نرجو أن يكون دائمًا”، على حد تعبير الرئيس الأمريكي.

وذكّر آلان فراشون بحقيقة أن وقف إطلاق النار ليس سلامًا، والطريق نحو تسوية، حتى وإن كانت جزئية، للصراع الإسرائيلي الفلسطيني – كما ترسمه المرحلة الثانية من خطة ترامب لغزة – يتطلب توافر العديد من الشروط التي ما تزال بعيدة المنال.

ففي ذاكرة الشعوب المعنية، لن تُمحى هاتان السنتان من الحرب بسهولة، لا من هذا الجانب ولا من ذاك. ولكن من منظور الواقع الإستراتيجي البحت، أي من منطلق السياسة الواقعية (Realpolitik)، فإن هاتين السنتين الأخيرتين تتركان الدولة العبرية في موقع عسكري متفوّق لم تعرف له مثيلاً إلا نادرًا.

فالعالم العربي بأسره تقريبًا مارس ضغوطًا على حركة “حماس”. ولم تقطع أيٌّ من الدول العربية التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل هذه العلاقات. ولا توجد أيّ دولة عربية لديها نوايا عدوانية تجاه إسرائيل، أو تمتلك جيشًا يشكّل تهديدًا لها.

أما سلسلة الخصوم غير الحكوميين فقد تمزقت، سواء تعلّق الأمر بـ “حماس” الفلسطينية، أو “حزب الله” اللبناني، أو الميليشيات الشيعية العراقية التي كانت تعمل انطلاقًا من سوريا في عهد النظام المهزوم لبشار الأسد. فقد أُضعف هذا الهلال من الأعداء المعلنين بشكل كبير على يد الجيش الإسرائيلي. أما الراعية لهذه المجموعات، أي إيران، فقد أدركت مدى ضعفها، إذ تبيّن عجزها عن الدفاع عن أراضيها، يقول آلان فراشون.

لكن الشكل الذي اتخذته الردود الإسرائيلية بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 أضعف إسرائيل أيضًا. فاستجابةً لهجوم “حماس”، شنّت إسرائيل حملة تدمير شاملة هدفت إلى جعل قطاع غزة غير قابل للحياة، وحكمت على أكثر من مليوني إنسان بالبؤس. وقد نددت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بسلسلة من القصف العشوائي.

وتشهد على ذلك حصيلة القتلى في غزة (67 ألف شهيد حسب “حماس”، غالبيتهم من المدنيين). والسؤال المشروع هنا: كيف يمكن لوجود جزيرة بؤس هائلة على حدود إسرائيل الجنوبية – أشبه بأرض صوماليلاند جديدة لشعب فقد كل شيء – أن يضمن أمن إسرائيل؟ يتساءل آلان فراشون.

لقد انهارت صورة الدولة العبرية كما لم يحدث من قبل لدى أصدقائها وحلفائها التقليديين. فحتى في الولايات المتحدة، أظهرت استطلاعات الرأي أن المواقف السلبية تجاه إسرائيل أصبحت الغالبة لأول مرة، مع غالبية تعبّر عن تعاطف أكبر مع الفلسطينيين، وفق دراسة أجرتها جامعة سيينا (نيويورك) لصالح “نيويورك تايمز” ونُشرت في 29 سبتمبر/أيلول.

أما في أوروبا، فالنقمة أشد، وخصوصًا بين الشباب. وللمرة الأولى أيضًا، لوّح الاتحاد الأوروبي بإمكانية فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل، يُشير آلان فراشون.

وللمرة الأولى كذلك، بادرت دول صديقة، مثل فرنسا والمملكة المتحدة، إلى الاعتراف رمزيًا وسياسيًا بدولة فلسطينية، في نهاية سبتمبر/أيلول. وخلال الدورة الخريفية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بدت إسرائيل أكثر عزلة من أي وقت مضى.

وقد ساهم هذا الوضع في زيادة الضغط الذي مارسه ترامب لدفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الموافقة على خطته للسلام، وكأن مبادرة الاعتراف بدولة فلسطينية التي اتخذها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد مهدت الطريق لذلك.

يومًا بعد يوم، كانت الهواتف المحمولة في العالم العربي تبث صور الحرب المستمرة منذ عامين. وبما أن الرأي العام يقيّد الحكومات، فلن تلعب أيٌّ من الدول العربية الدور الضروري المطلوب منها في متابعة تنفيذ خطة ترامب ما لم يُستوفَ شرطان: تعزيز دور السلطة الفلسطينية، ووقف الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، يقول آلان فراشون.

أما الوثيقة التي صيغت بمهارة غامضة بنّاءة، وهي الخطة الترامبية ذات البنود العشرين، التي قُدمت في 29 سبتمبر/أيلول، فلا تنص صراحة على أيٍّ من هذين الشرطين. وهكذا تبقى مسيرة البحث عن السلام الإسرائيلي الفلسطيني قضية لا تنتهي أبدًا، يوضح الكاتب في “لوموند” في نهاية مقاله بالصحيفة.